عِندَما توصَّلت إلَى أنَّ {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 40) تَعني أنَّ كُلَّ جُرمٌ سَماوي يَسبَح في فَلَكِه أوَّلاً، وَهَذا الجُرم يَسبَح في فََلََكِ الجُرم السَّماوي القائِد، بِحيث يُصبِح كِلاهُما في فَلَكٍ واحِد يَسبَحُون، وَمِن ثُمَّ يَسبَح هَؤلاء الاثنان في فَلَكِ جُرمٍ آخَر أكبَر، فيُصبح كُل الثَّلاثَة في فَلَكٍ يَسبَحُون، وَهَكَذا فالأربعة كُل في فَلَكٍ واحِد يَسبَحون. أي أنَّه عَلى سَبيل المِثال، القَمَر يَسبَح في فَلَكِ الأرض، والأرض وَكُل الكَواكِب يَسبَحُون في فََلََكٍ واحِد، هُو فَلَك الشَّمس، والمَجمُوعَة الشَّمسيَّة وَمَجمُوعات الأجرام الأُخرى في مَجَرَّتِنا، تَسبَح في فَلَكٍ واحِد هُو فََلََك المَجَرَّة. بَينَما تَسبَح مَجَرَّتنا مَع مَجمُوعَة المَجَرَّات المَحَليَّة، الَّتي عَدَدها يُساوي الثَلاثين، تَسبَح كُلها حَول مَركِزِ هَذِهِ المَجمُوعَة، الَّذي يَقَع في مَكانٍ ما بَين مَجَرَّتِنا وَمَجَرَّة المَرأة المُسَلسَلَة (Andromeda Galaxy) بَينَما تَسبَح مَجمُوعَتنا المَحَليَّة مَع مَجمُوعات مَحَليَّة أُخرَى، حَولَ مَركِز العُنقُود المَحَلّي، أو حَشد المَجَرَّات المَحَليَّة (Vigro Super cluster) . . وَهَكَذا.
وَهَذا يَعني أنَّ هُناك تَقسيماً لِلكَون، من الفَرد الَّذي يَسبَح في فَلكٍ واحِد لِجُرم سَماوي أكبَر مِنه، ثُمَّ تَأتي مَجمُوعَة أجرام تَسبَح في الفَلََكِ الأكبر، لِجُرم سَماوي أو أجرام أكبَر مِنها، وَمِن ثَمَّ تَسبَح مَجمُوعات في فَلَكٍ أعلَى، وَمِن ثَمَّ تَسبَح جُمُوع أو تَجمُعَّات المَجمُوعات في فَلَكٍ أعلَى، إلَى أن يَصِل الجَميع إلى فَلَكٍ واحِد، كُلَّهُم فيه يَسبَحون، بِحَيث يَجري هَذا الفَلَك، ويَجري كُل مَن فيه، سابِحاً جارياً باتِّجاه تَوسُّع الكَون، والشَّكل (1) الَّذي أبدَأ بالتَّعليق، عَليه يُوضِّح ذلِك: عِندَما قُمتُ بِتَركيب الأفلاك السَّابِحَة عَلَى بَعضِها البَعض، بِدءاً من فَلَكِ الأرض، إلَى فَلَكِ الشَّمس، إلَى فَلَكِ مَجَرَّةِ دَرب التَّبانَة، إلَى مَجمُوعَة المَجَرَّات المَحَليَّة، إلَى حُشُود المَجَرَّات المَحَليَّة، أو عَناقيد المَجَرَّات المَحَليَّة، إلَى حُشُود المَجَرَّات العُظمَى، إلَى الحَائِط العَظيم، ظَهَرَ مَعي هَذا الشَّكل، وَباختِصار فإنَّ سِباحَة كُل ما ذَكَرته في فَلَكٍ واحِد، هُوَ فَلَك الحائِط العَظيم يُمَثِّل {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 40) عَلَى مُستَوَى هَذا التَّشبيه.
عَلى أنَّ أي حَرَكَة في الآفاقِ، مَهما كانَت بالنِِّسبَةِ لأي حَرَكَة أُخرى، هِي حَرَكَة سابِحَة، وَعَلى سَبيل المِثال، فإنَّ المَسار الَّذي تَرسِمُهُ حَرَكَة القَمَر، بالنِّسبَةِ إلَى الدائِرَة الظَّاهِريَّة لِمَسير الشَّمس في الأُفُق، هُوَ مَسار مَوجي سابِح مُسَبِّح.
|
الشَّكل يُوَضِّح مَسار القَمَر المَوجي الشَّكل، بالنِّسبَة إلَى الدائِرَة الظَّاهِريَّة لِِمَسير الشَمس، خِلال عُبُورها الأُفُق، خِلال شَهر قَمَري واحد. شكل (2) |
كذلك فإنَّ الظِّل الَّذي يَترُكه القَمَر عَلى الأرضِ، في حالَةِ حُصُول كُسُوف لِلشَمس، هُو ظِل مَوجي سابِح كَما في الشَّكل.
عِندما تخيَّلت طُرُقَ السِّباحة السَّابِقَة لِلأجرام السَّماوية، كُنتُ وَقتها في الإمارات العَربيَّة المُتَّحِدَة، أعمَل في إمارة أبوظبي، وَأبوظَبي إمارَة ساحِليَّة جَميلَة، تَقَع عَلى شاطئ الخليج العَرَبي، كَما أنَّ لَها امتِداداً داخِليَّاً صَحراويَّاً، وقَد كانَت سِباحَة الأجرام السَّماويَّة قَد أثارَت في نَفسي تَساؤلاً، وَهُو أنَّهُ إذا كانَت كُل الأجرام السَّماويَّة في الأُفُق، تَسبَح بِطَريقَة تُؤدي إلَى سِباحة الأفلاك الصَّغيرَة في الأفلاكِ الكَبيرة، وَالكَبيرة في الأكبَر، بِحَيث أنَّ الفَلَك الأكبَر يَحمِل أفلاكاً أصغَر، أو بِمعنى آخَر إذا كانَت المَوجَة الكَبيرَة – مَوجَة الفَلَك الكَبيرَة– تَحمِل أمواجاً أصغَر، ألا يَعني ذلِك أنَّه وبالمِثل، سَنَجِد مَوجات البَحر الكَبيرَة تَحمِلُ أمواجاً أصغَر، والأمواج المائيَّة الأصغر، تَحمِل أمواجاً أصغر مِنها. . وَهَكَذا؟ وألا يَعني ذَلِك أنَّ المَوجَات الرَّمليَّة الكَبيرَة في الصَّحراء، تَحمِل أمواجاً رَمليَّة أصغَر، بَينَما تَحمِل هَذِهِ الأمواج الرَّمليَّة الأصغَر، أمواجاً رمليَّة أصغَر. . وَهَكَذا؟ وألا يَعني ذلِك أنَّ الهَواء، يَتَكَوَّن من مَوجات هَوائيَّة، تَحمِلُ في ثَناياها أمواجاً أصغَر وأصغَر؟ وَبِمَعنى آخَر، إذا كان كُل مَا هُو في السَّماء يَتَحرَّك حَرَكَة مَوجيَّة سابِحة حَسَب الأشكال الَّتي وضَّحتُها، ألا يَعني ذلِك أنَّهُ كُل ما هُو مُتَحَرِّك حَرَكَة طَبيعيَّة عَلى الأرض، من ماء، وَهَواء، وتُراب، يَتَحَرَّك وَيَسبَح بِهَذِهِ الطَّريقة، راسِماً الأشكال الَّتي ذكرتُها، وَذلِك تَحقيقاً لِقَول الله سُبحانَهُ وَتَعَالَى في الآيةِ الكَريمة: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}(يس: 40)؟ الحمدُ لله، كُنتُ في أبوظبي، وكان هُناك البَحر، والرَّمل، وعلم عالٍ تسبح عليه الريَّاح، وَعِندَما جاءت ببالي التوقُعات السَّابِقة، المبنيَّة على آيات الله في الآفاق، وفي القُرآن الكريم، ذهبت إلى الشاطىء، وراقبت الأمواج السَّابِحة، فرأيت الأمواج الكبيرة، تحمل أمواجاً أصغر مِنها، والصَّغيرة تحمل أصغر مِنها. . وَهَكَذا، أي أنَّ الأمواج الصغيرة، تَسبَح عَلى أمواج أكبر مِنها، بينما تَسبَح الأمواج الأكبَر على أمواج أكبَر.. كما تَسبَح أفلاك الأجرام الفضائية الصَّغيرة، على أفلاك الأجرام الأكبَر، والأكبَر عَلَى الأكبَر. الحمدُ لِله، لم يَكُن الأمر فَقَط كَما خَطَر بِبالي، ولكنَّهُ كان أصلاً مِثلَما وَصَفَ القُرآن الكَريم: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 40). وأترُكَكُم مَع هَذِهِ الصُّور المُعَبِّرة عَن نَفسها:
| |
المَوجتان الكَبيرَتان تََمتَدَّان عَشرات الأمتارشكل (4) | المَوجات المَحمولَة عَليهما طولَها لا يَتجاوَز 5 أمتارشكل (5) |
| |
المَوجات المحمولة عَليهم طولها لا يَتجاوز ½ م. شكل(6) | طول المَوجات المَحمولَة عَلى ما سَبَق أقَل من 20 سم شكل (7) |
| |
| طول المَوجات المَحمولَة من 1- 5 سم. شكل (9) |
|
أخيراً، طُول أصغَر مَوجَات مائيَّة سابِحَة ومُسَبِّحَة، مَحمولَة عَلى أصغَر المَوجات المائيَّة السَّابِحَة المُسَبِحَة في الشَّكل (9) تَظهَر هُنا عَلى شَكل أنسِجَة، وَخيُوط، وَحَبَّات، وَحُبُك صَغيرَة، طولَها من مِليمِترات، إلى ما هُو أقَل من السنتيمتر، وَهَذِهِ الصُّورَة مُكَبَّرَة. شكل (10) |
(شوفتوا عظمة الخالق؟)